موضوع: قصه فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها الأربعاء يوليو 25, 2012 12:47 pm
بســم الله الـرحمــن الرحيــم ريحانة من رياحين الصدر الأول في الدعوة الإسلامية، إنها السيدة الجليلة "فاطمة بنت الخطاب" (رضي الله عنها وأرضاها)، التي علمتنا درسًا في الثبات والتحدي؛ في سبيل إعلاء كلمة الله، كانت فاطمة زوجًا لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وقد وصلتها دعوة النبي (صلى الله عليه وسلم) لعبادة الإله الواحد، وترك عبادة الأصنام؛ فآمنت وأخلصت دينها لله تعالى، ولما علم بذلك أخوها عمر بن الخطاب (ولم يكن قد أسلم بعد) عزم على أن ينتقم منها ومن زوجها.
ولكنها وقفت صلبة ثابتة تقول له بملء فيها: "نعم يا عمر، لقد أسلمنا واتبعنا دين محمد (صلى الله عليه وسلم)، فاصنع ما بدا لك"، فما كان من عمر بن الخطاب إلا أن ضربها ضربة أسالت الدم من وجهها. تُرى ما الذي دفع فاطمة إلى أن تقف في وجه ذلك الغاضب الثائر (عمر)، ولم تعبأ بما يعود عليها من ضرر إزاء هذا التصرف?! إنه شجاعة المسلمة التي تنبعث من إيمانها بأنها على الحق، وأنها متمسكة به، ثابتة عليه، مهما لاقت من ضرر، ومهما طال أمد الباطل أو قصر، فهي أبدًا لن تتخلى عنه، وتبرز هذه القيمة في كلمتها: "فاصنع ما بدا لك"، وكم في هذه الكلمة من التحدي والشموخ.
إن الثبات في طريق الدعوة يتمثل في تمسك المسلمة المؤمنة بالتزامها وعقيدتها، فلا يردها عنهما ما تلقى من خطوب، بل تصبر وتحتسب عند الله كل ما يعرض لها... ولعل من هذه الخطوب أن يظل الواقع السيئ وقتًا طويلاً، مما قد يوجد في نفس الإنسان شيئًا من الإحباط واليأس من إمكانية تحقيق الواقع الإسلامي، والأكثر من ذلك أن تتعرض المسلمة لبعض المواقف يكون لها وقع سيئ عليها، مما قد يفقدها توازنها، وتنسى معه أولوياتها، بل قد يتهاوى تشبثها بما عرفت من الحق؛ إيثارًا للسلامة، أو من شدة الخَطْب على نفسها ومرارته، ولكن المؤمن الحق يأبى أن يتأثر سلبيًا بما يتعرض له من محن، ولكن يبقى قلبه دائمًا هادئًا مطمئنًا باحثًا، عن الدرس المستفاد من هذه المحن، وكله ثقة في أن الله تعالى لن يخذل عبده المؤمن أبدًا، قال تعالى: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا} (الحج: 8)، {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره المشركون} (التوبة: 32).
وقد نتعرض - نحن المسلمين - وبالأخص العاملون على نشر دين الله تعالى، لبعض المحن التي يدبرها أعداء هذا الدين، الذين لا يريدون له انتشارًا، وأشد الناس تأثرًا بها النساء، سواء كن أمهات أو زوجات، أو أخوات، أو بنات، فهن دائمًا يتجرعن الكدر والخوف والمعاناة.
لكن الإسلام حين يربي النفس البشرية - سواء كانت لرجل أو امرأة - فإنه يربيها على أن الله تعالى وحده مقدِّر الأقدار، وهو من يجب أن يخضع له الإنسان ويخشاه {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين} (آل عمران: 175).
فليس للمسلمة إلا أن تقف قوية راسخة القدمين، قوية اليقين، لا يردها عن دينها شيء مهما عظم خطره، ولترفع صوتها في الآفاق: "رباه إني لك وحدك".